أمريكا تنتفض وتستلهم مبادئ مارتن لوثر كينغ لمحاربة العنصرية

أمريكا تنتفض وتستلهم مبادئ مارتن لوثر كينغ لمحاربة العنصرية

  • أمريكا تنتفض وتستلهم مبادئ مارتن لوثر كينغ لمحاربة العنصرية

افاق قبل 4 سنة

أمريكا تنتفض وتستلهم مبادئ مارتن لوثر كينغ لمحاربة العنصرية

المحامي علي ابوحبله

قدر الشعوب أن تقف في وجه الظلم والاستبداد وضد ألتفرقه ومحاربة سياسة التمييز العنصري  بكافة أشكاله ، وأمريكا التي كانت وما زالت مرتع خصب للتفرقة العنصرية رغم زيف ادعاءاتها بتحقيق العدل والمساواة بين مواطنيها   ، تأتي حادثة مقتل جورج فلويد ، ، إلى جانب ارتفاع نسب البطالة في الولايات المتحدة مِن جرّاء تدابير مكافحة الوباء، حافزاً لانتفاض ملايين الأميركيين في وجه وحشية الشرطة والعنصرية والإخفاقات الجارفة للإمبريالية. لم تشهد الولايات المتحدة، منذ اغتيال مارتن لوثر كينغ، انتفاضةً بهذا الحجم. سلسلة الاحتجاجات لعام 1968 امتدّت لتغطّي أكثر من 100 مدينة أميركية، ولكنها انتهت بمقتل أكثر من 40 شخصاً وجرح 2,500 آخرين، واعتقال ما يزيد على 15 ألف معتقل، فيما قُدِّرت الأضرار التي لحقت بالممتلكات بأكثر من 12 مليون دولار. بينما ألانتفاضه للشعب الأمريكي بعد مقتل جورج فلويد ، شملت كلّ مدن أميركا وجذوتها لم تنطفئ وتزداد اشتعالا يوما عن يوم . في حين أن الاحتجاجات شائعة في الولايات الامريكيه  بعد عمليات القتل على أيدي الشرطة، إلا أنها تراوح مكانها  وتبقى خارج المدن الكبرى ، وتتلاشى بعد يوم أو اثنين، ولا تُلحق أضراراً في الممتلكات، فضلاً عن أنها لا تنطوي على هذا المستوى المتزايد من القمع الوحشي الذي تمارسه الدولة راهناً. يبدو جلياً أن الاحتجاجات التي انطلقت جذوتها على خلفية مقتل جورج فلويد مختلفة إلى حدٍّ كبير عن تلك الاحتجاجات التي تشهدها الولايات الامريكيه ؛ فبعض الولايات الامريكيه  الريفية ، مثل: أوكلاهوما وكنساس وإيداهو، انتفضت على غرار مدن مثل نيويورك وديترويت ولوس أنجلس، حتى فاق حجم الحركة الاحتجاجية تلك التي قادها مارتن لوثر كينغ في ستينيات القرن العشرين بأربعة أضعاف، إذ انتشرت في أكثر من 400 مدينة وبلدة في جميع الولايات الخمسين، وبورتوريكو المحتلة. لقد بلغ عدد المعتقلين وفق الأرقام الرسمية ما يزيد على ثلاثة عشر ألف شخص  ، و يرجّح أن الرقم الفعلي أكبر بكثير، فيما بلغ عدد القتلى أكثر من 24، ولكن مرّة أخرى، مِن المؤكد أن الرقم أعلى بكثير. ورغم أن السود يشكلون 13% (فقط) مِن سكان الولايات المتحدة، فإن احتمال وفاة الأميركيين السود على أيدي الشرطة، أعلى بـ2.5 مرّات. كذلك، فإن الشرطة لا تتعرّض لأيّ مساءلة في شأن عمليات القتل العنصرية بدم بارد: أقل من 1% من عناصر الشرطة الضالعين بعمليات قتل، متّهمون بارتكاب جريمة، أما المدانون فأقل من ذلك بكثير. جورج فلويد لم يكن أوّل رجل أسود يُقتل على أيدي الشرطة، و(للأسف) لن يكون الأخير، ما لم تدفع الانتفاضة نوعاً مِن تغيير مؤسسي واسع النطاق. مع ذلك، فإن الطريقة الصاخبة لوفاته (توفي خنقاً بعدما جثا شرطي بركبته على رقبته لمدة ثماني دقائق، بسبب جريمة مزعومة متمثلة في تزوير شيك بقيمة 20 دولاراً)، يمكن النظر إليها كاستعارة للفشل الأوسع للرأسمالية، والذي تضاعف من جرّاء وباء «كوفيد-19».

ليس مستغرباً أن تؤدي الانتفاضة الضخمة  التي تشهدها أمريكا ، إلى عنف غير مسبوق برعاية الدولة ضدّ المتظاهرين. في المدن الأميركية، لم تستخدم الشرطة الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاطي لإنهاء أعمال الشغب، بل للتحريض على هذه الأعمال. وشهدت الانتفاضة الآخذة في الاتساع، قيام الشرطة بالهجوم على المتظاهرين السلميين بالضرب والغاز المسيل للدموع والقنابل اليدوية والرصاص المطاطي، حتى قبل أن يبدأ حظر التجوال، في محاولة للتشجيع على تدمير الممتلكات. لكن، رغم القمع الذي ترعاه الدولة، تستمر الاحتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة. من غير الواضح في هذه المرحلة كيف ستؤثر هذه الانتفاضة التاريخية في المسار الاجتماعي والاقتصادي الطويل المدى لأميركا. مع ذلك، فإن روح الشعب حيّة ومتلهّفة لتغيير مؤسّسي واسع النطاق.

التعليقات على خبر: أمريكا تنتفض وتستلهم مبادئ مارتن لوثر كينغ لمحاربة العنصرية

حمل التطبيق الأن